"الزنّانة" تزِن.. والغزّاوي يئِن!
غزة ــ جهاد أبو مصطفىالملحق أيلول 2014
إذا كنتم تُشاهدون التلفاز في بيتٍ من بيوت قطاع غزّة، وفجأة تجمّدت الصورة وتلاشت الإشارة في اللحظة الحرجة من العرض، فإنكم تلقائياً ستتجهون كما يفعل آلاف المواطنين هنا إلى أقرب شُرفة، تنظرون عبرها إلى السماء، بحثاً عن تلك اللعينة التي نغّصت مُتابعة الفيلم المُنتظر. وما أن ترتفع العيون إلى أعلى، فهي ستجد فوراً طائرة استطلاعٍ إسرائيلية تُحلّق فوق الرؤوس، وغالباً ما يكون تحليقها على ارتفاعٍ مُنخفض جدّاً.
طائرة الاستطلاع تلك، التي يسمّيها الغزّيون "الزنّانة" بسبب ضجيج الزنّ المتواصل الذي يصدر عنها، تحلّق بشكل مستمر ومنخفض في سماء غزّة، تصنع فضاء الصوت هنا لقرابة مليون وثمانمئة ألف شخص يعيشون في القطاع. تُراقبهم، تتجسّس عليهم، تثبّت أقدامها في أيامهم، وعلى مدار الساعة.
هي طائرةٌ صغيرة بدون طيّار، لا يتعدى وزنها بضعة كيلوغرامات، تستخدمها إسرائيل بشكل مُكثّف في قطاع غزّة، لاسيما في أوقات المواجهة العسكرية. وهي تخدم الجيش الإسرائيلي إما في التصوير والاستطلاع، أو في إطلاق الصواريخ الفتّاكة. إذ تعمل هذه "الزنّانة" على مراقبة أماكن مُعينة، والتجسّس على رجال المقاومة ومرابض إطلاق الصواريخ، وهي، في الوقت ذاته، جاهزة للانقضاض على هدفها بكبسة زر. وقد نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي تقريراً مُصوراً ظهرت فيه مجموعة فتيات إسرائيليات مهمّتهن التحكم بطائرة الاستطلاع التي تُحلّق في أجواء القطاع، انطلاقاً من قاعدةٍ عسكريّة قريبة من حدود غزّة. وأوضح التقرير طريقة تعامل المُجنّدات مع الطائرة، وتحديد مسارها، وكيف تضغط تلك الإسرائيلية على زر إطلاق الصاروخ من الطائرة نحو هدفها، كأنها تلعب لعبةً على الحاسوب.