الرئيسية
المقاومة
الحياة الإجتماعية
الشتات
إقتصاد وسياسة
الثقافة
إسرائيل
X
كل الكلمات
أي كلمة
الكاتب
من تاريخ
إلى تاريخ
أوهــام التوطيـن
مخيم ضبية
سامر صقر
|
أيار 2011
خضع الفلسطينيون في لبنان منذ النكبة في سنة 1948 لشروط مهينة، وعاشوا تحت سياط المكتب الثاني وشتائم الدرك، وتدربوا على الصمود في الشدائد والعيش في المصاعب واحتمال الكراهية في بعض الأحيان. وكان الفلسطيني في عيون اللبنانيين على صور وهيئات شتى. انه اللاجئ التاعس والعاثر (المعتًر) لدى البعض. وكان في نظر البعض الآخر مسؤولاً عن تعاسته، لانه باع من اليهود أرضه، فهو، والحال هذه، لا يستحق أي معونة. وكان الفلسطيني سنياً في المحيط الشيعي، ومسلماً في المحيط المسيحي، وحتى المسيحي الفلسطيني كان ينظر إليه في الوسط المسيحي على انه غريب.
من مصاعب هذه الأيام ومصائبها، عودة حكاية التوطين الى الكباش المحلي اللبناني، هذه الحكاية التي ما برحت أطراف سياسية كثيرة في لبنان تتغرغر بها كلما رغبت في امتلاك أداة دعائية لمقارعة خصومها المحليين. ولا ريب في ان فكرة التوطين تتغذى على تصريحات الساسة الإسرائيليين والأميركيين كدعوة الرئيس جورج بوش في 10/1/2008 الى تعويض اللاجئين وعدم تنفيذ حق العودة بموجب القرار 194، والتوليد المنطقي لهذه الدعوة يقول ان عدم تنفيذ حق العودة يعني، بالضرورة، التوطين.
هذا صحيح الى حد ما. لكن لنقارب المسألة بطريقة اكثر دقة. فالفلسطينيون موجودون في لبنان كأمر واقع، أي قسراً. وهم في التوصيف القانوني “لاجئون”، أي ان وجودهم موقت. أما التوطين فيقصد به تحويل هؤلاء اللاجئين من لاجئين، الى مواطنين، أي منحهم شكلاً من أشكال المواطنة كالجنسية. وهذا الأمر من المحال ان يتم تطبيقه إلا في سياق حل دولي وشامل للمسألة الفلسطينية.
لكن، كما هو واضح للعيان، لا حل سياسياً للمسألة الفلسطينية في المدى المنظور. هذا أمر يقارب البدهية. إذاً، تبقى الأمور على ما هي عليه، فلا توطين ولا عودة، بل هجرة فلسطينية متمادية الى دول العالم المختلفة، الأمر الذي يعني، في الحقيقة، توطينا، لكن في دولة ثالثة. وأبعد من ذلك، فحتى لو تم التوصل الى حل ما لمشكلة اللاجئين، وكان هذا الحل يتضمن بالفعل التوطين، فإن التوطين سيقع بالضرورة، في الأردن مثلا او في سورية، لكنه لن يطال اللاجئين في لبنان، لان هؤلاء سيكون نصيبهم الانتقال التدريجي الى دول جديدة والى مهاجر بعيدة. وفي أي حل دولي (وهذا بالفعل نوع من الاحتمال البعيد) فإن كندا، على سبيل المثال، ستكون مستعدة لاستقبال 75 ألف لاجئ في لبنان، وستكون استراليا أيضاً جاهزة لاستقبال 50 ألفاً آخرين، وستكون الولايات المتحدة الأميركية مستعدة لاستيعاب مئة ألف فلسطيني بحسب ما كشفت عنه صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نقلاً عن ايهود اولمرت، في 19/9/2010، وستتوزع البقية ما بين أراضي السلطة الفلسطينية ودول اخرى تحت راية لم الشمل.
بهذا المعنى، واستناداً الى الخطط التي وضعتها جهات كندية شبه رسمية (كندا هي رئيسة اللجنة المتعددة الطرف الخاصة باللاجئين المنبثقة من مؤتمر مدريد) فلن يبقى فلسطيني في لبنان خلال خمس سنوات ما ان تفتح أبواب الهجرة أمامهم. فعلام يتخوف الخائفون من التوطين؟ وللتذكير فقط، فإن النائبة الأميركية عن ولاية فلوريدا إليانا روس ليتنين (صاحبة قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان) هي التي اقترحت توطين الفلسطينيين في لبنان (“النهار” 6/1/2003) ثم عادت وأهملت مشروعها هذا. أما رئيس الوزراء الكندي السابق جان كريتيان فأعلن في سنة 2000 ان كندا مستعدة، في إطار حل دولي متفق عليه، لاستقبال 75 ألف لاجئ من لبنان بمعدل 15 ألفا سنوياً. وكشفت النائبة الكندية كارولين بيرش في ندوة عقدتها في دمشق في 18/4/2005 انها ستعمل على توطين آلاف الفلسطينيين المقيمين في لبنان في كندا.
إن هذه التهويل الذي يصور الفلسطينيين في لبنان كأنهم المسؤولون عن فكرة التوطين هو الوجه الآخر لخطة ترحيل الفلسطينيين من لبنان الى أي مكان آخر في العالم. بل إن هناك من يدعو علنا الى توزيعهم على الدول العربية ضاربين بعرض الحائط حق هؤلاء اللاجئين في العيش كمجموعة بشرية ذات خصائص اجتماعية مشتركة. وتوزيع الفلسطينيين حل فاشي من الطراز الستاليني الذي شرد شعوب القرم ومزق ترابطها الأسري والعائلي. وهناك من يدعو الى تسهيل انتقالهم الى دول ثالثة كي يتوطنوا فيها (المهم ليس لبنان)، وهذا حل خبيث يريح إسرائيل في نهاية المطاف. وثمة من يريد تحويل رعاية هؤلاء من وصاية الأونروا الى وصاية المفوضية السامية للاجئين (UNHCR)، وهذا أمر خطير أيضاً لأنه يلغي دور الأونروا المنصوص في القرار 194 (وهو القرار الذي يتضمن حق العودة في الفقرة 11)، ويحوّل اللاجئين من شعب له حقوق قومية معترف بها دولياً، الى مجرد أفراد فارين من بلدانهم، ويحتاجون الى الحماية في بلدان تمنحهم المواطنة والحماية معاً. وأبعد من ذلك، فإن البعض لم يتورع عن الدعوة الى الحياد بين العرب والإسرائيليين، وهذه دعوة ان لم تكن ساذجة سياسيا فهي خبيثة. فمن غير الممكن الحياد إزاء دولة مسؤولة عن وجود نحو 430 ألف لاجئ في لبنان، وهؤلاء لم يأتوا بإرادتهم بل بقوة الطرد. ومن يضمن ألا يطرد الإسرائيليون، في أحوال ملائمة، الآلاف من الفلسطينيين مجدداً الى لبنان، خصوصا من فلسطينيي منطقة المثلث، ولا سيما بعد تصريحات وزير خارجية إسرائيل، أفيغدور ليبرمان في 19/9/2010 عن الرغبة في ترحيل أهالي الجليل والمثلث. ثم ان لبنان أحد أعضاء الأسرة العربية بموجب دستوره وبحسب ميثاق جامعة الدول العربية، وبحسب الجغرافيا واللغة وخيار جزء كبير من أبنائه. وعلى لبنان ان يتحمل، وبقدر إمكاناته، نصيباً من المسألة العربية ـ الصهيونية.
إن قواعد العدالة الإنسانية وقواعد القانون الإنساني الدولي ومبادئ القانون الدولي تحتم منح هؤلاء اللاجئين حقوقهم الإنسانية والمدنية، لأن من شأن ذلك جعلهم مجموعة بشرية لها مصلحة في السلم اللبناني، بدلاً من ان يروا في الدولة اللبنانية مؤسسة معادية. وكان على الأمم المتحدة نفسها ان تراقب مدى التزام الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين تنفيذ التشريعات الدولية في هذا الميدان، وان تصدر تقارير دورية، تتضمن سجلاً وافياً عن انتهاك هذه الحقوق. وهذا الأمر الذي كان متعذراً في الماضي صار ممكناً اليوم بفضل العشرات من هيئات حقوق الإنسان ومجموعات الضمير التي تعنى برصد المظالم.
* سامر صقر ناشط فلسطيني
Tweet
إقــرأ أيضــا مــن: عدد
أيار 2011
مصـر وقضيـة فلسطيـن
طارق البشري
المتطوعون المصريون في حرب 1948
 
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
الأكثر قراءة
في الملحق
في الموقع
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين ...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة" ...
عماد الرجبي - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات ...
طلال سلمان - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي: ...
رشا حلوة - آذار 2016
الأكثر مشاركة
في الملحق
في الموقع
كيف سقطت يافا؟ قصّةٌ تروى!
أنس أبو عرقوب - أيار 2016
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة"...
عماد الرجبي - آذار 2016
المشروع الوطني الفلسطيني: أزمة الرؤية...
رازي نابلسي - آذار 2016
إخترنا لكم
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
رحلة عبّود من غزّة إلى تركيا
طه يونس - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة"...
عماد الرجبي - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي:...
رشا حلوة - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
الأرشـيف
بحسب
التوزيع الجعرافي
:
فلسطين،
العالم،
غــزّة،
الضفة الغربية،
أراضي 48،
لبنان،
حيفا،
القدس،
رام الله،
نابلس،
بريطانيا،
كنــدا،
المغرب،
أميركا،
سوريا،
الأردن،
عكّـا،
المزيد ...
بحسب
المواضيع
:
المقاومة،
إسرائيل،
الثقافة،
الحياة الاجتماعية،
الأسرى،
المقاطعة،
إقتصاد وسياسة،
الشتات،
المخيمات،
سياسة،
المزيد ...
بحسب
الأعــداد
:
آذار 2016
شباط 2016
كانون الثاني 2016
كانون الاول 2015
تشرين الثاني 2015
أكتوبر 2015
أيلول 2015
آب 2015
تموز 2015
حزيران 2015
أيار 2015
نيسان 2015
آذار 2015
شباط 2015
كانون الثاني 2015
كانون الأول 2014
تشرين الثاني 2014
تشرين الأول 2014
أيلول 2014
آب 2014
تموز 2014
حزيران 2014
أيار 2014
نيسان 2014
آذار 2014
شباط 2014
كانون الثاني 2014
كانون الأول 2013
تشرين الثاني 2013
تشرين الأول 2013
أيلول 2013
آب 2013
تموز 2013
حزيران 2013
أيار 2013
نيسان 2013
آذار 2013
شباط 2013
كانون الثاني 2013
كانون الأول 2012
تشرين الثاني 2012
تشرين الأول 2012
أيلول 2012
آب 2012
تموز 2012
حزيران 2012
أيار 2012
نيسان 2012
آذار 2012
شباط 2012
كانون الثاني 2012
كانون الأول 2011
تشرين الثاني 2011
تشرين الأول 2011
أيلول 2011
آب 2011
تموز 2011
حزيران 2011
أيار 2011
نيسان 2011
آذار 2011
شباط 2011
كانون الثاني 2011
كانون الأول 2010
تشرين الثاني 2010
تشرين الأول 2010
أيلول 2010
آب 2010
تموز 2010
حزيران 2010
أيار 2010
حـول الموقع
مـن نحــن
اتصــل بنــا
شروط الاستخــدام
تطبيقـات
فلسطيــن على فايسبـــوك
فلسطيــن على تويتــر
مواقع أخـرى
جريــدة الســـفير
الــسفير العـــربي
شبـــاب الســــفير
المركز العربي للمعلومات
جميــع الحقـــوق محفوظـــة © 2019 السفــيــر