الرئيسية
المقاومة
الحياة الإجتماعية
الشتات
إقتصاد وسياسة
الثقافة
إسرائيل
X
كل الكلمات
أي كلمة
الكاتب
من تاريخ
إلى تاريخ
الزيب: ذاكرة النار
سليمان بختي
|
حزيران 2012
يحار المرء وهو يقرأ كتاب «الزيب كما عرفتها» ويتساءل: أهو حكاية عن قرية الزّيب، وهي من القرى الفلسطينية التي دمرتها إسرائيل عام 1948، أم هو حكاية عمر، أم حكاية شعب؟ «الأمم حكايات أيضاً»، هكذا يقول فوكو. لكن ما يكتبه أحمد سليم عودة إنما هو رحلة العودة إلى الزّيب، وقصة التاريخ الذي يستمر ويجري في الروح وفي الذاكرة. والكاتب يجتاحنا بالتفصيلات التي تصنع الحياة الجميلة وتصنع التاريخ. وهو لا ينسى أحداً: الوجوه والأسماء والمهن والحِرَف والحقول والبساتين والبحر والعادات والتقاليد والأساطير والطرائف والأمثال واللحظات «الحلوة» واللحظات المرة. كلهم كانوا هناك، وهم من لحم ودم وعصب. وكان الزمان يجري منبسطاً بلا غفلة. تفاعلوا مع بعضهم ومع الطبيعة ومع التاريخ وصنعوا حياتهم بحب وإلفة، وأبدعوا صورة المكان الذي يشبههم لتصبح الأيام جميلة. وفجأة انقطعت الحياة وانقض (اللصوص) على القرية وسرقوها ودمروها.
كيف حاول احمد سليم عودة استعادتها هذه الحياة؟
إنه يبني هذه الاستعادة على معرفته الحقيقية للماضي، وسلامة الذاكرة الوفية التي لا تنسى أو تضعف. إن بقاء الذاكرة حيّة ونشطة ومؤثرة في ضمير صاحبها وفي وعيه يجعله يسعى لا إلى نشرها فحسب، بل إلى توريثها لأبنائه وأحفاده كي لا يموت الحق. وهو لا يتردد في الاعلان بعزم وقوة: لا، لم تكن وهماً بل بلاداً، ولم تكن لحظة بل زمناً يجري حتى مستقره. وهكذا لا تخلد الزّيب في الذاكرة وحدها بل في الواقع أيضاً. هذا ملك يعيش وينمو في داخلنا ولن نساوم عليه.
الكتابة هنا تصير علامة من علامات الحضور الإنساني، ومن علامات الزمان المتصلة بهذا الحضور في شهادة إنسانية واضحة وعميقة. وإذا كان لنا ان نعرف ان لقرية الزّيب وجوداً في التاريخ، فإننا هنا نكتشف وجودها الإنساني والاجتماعي والتواصلي والحضاري والحقيقي. وأحمد سليم عودة لا ينقل لوحة في كتابه هذا بل صوراً ومشاهد فقلمه يتحرك في المكان مثل كاميرا سينمائية. يسجل يحمل عينيه ويمر بهما بجميع مطارح الزّيب، ويحتفي بكل شيء فيها، يغنيها فتنهض أمامنا قرية ممتلئة بذاتها وعالماً متكاملاً منسجماً كأنه الفردوس المفقود. يعيد لملمتها ناحية ناحية، وشبراً شبراً، ويجمعها مثل أغنية عمره بأسى شفيف يكتم ولا يفصح. نحن امام مذكرات نتعلم منها كم للأشياء الصغيرة العابرة أهمية، وكم من قوة للغياب في الحضور.
يتغنى أحمد سليم عودة بقريته الزّيب لا ليطرب نفسه بل ليؤكد لنفسه أولاً ولجيله ولأبنائه وأحفاده ان هذا الفردوس المفقود لن يظل معلقاً في فضاء الزمان، ولا بد انه سيعود يوماً. فالحق لا يموت بتقادم الزمن بل يقوى ويشتد.
هل كتب على الفلسطيني ألا يسكن بلاده بل ان تسكنه البلاد؟ وهل ستظل البلاد بلا حياة بكلمات الكاتب: «ألا تحزن الأماكن على فراق ساكنيها؟». أحمد سليم عودة كان الشاهد والراوي والعين، والجزء الذي لا يتجزأ من المكان، روح المكان وأهله. والزّيب ستظل راسخة الحضور بين أهلها وأصحابها، وستظل «أحلى» من الذاكرة وأجمل، ولن تتغير حروف اسمها ما دامت مزروعــة في الـــذاكرة والعين والقلب والإرادة والأمل. وهذا الكتاب دفاع عن الذات والحق والهوية واحتـــلال الأرض. إنه كتاب موصول بالـــذاكرة لأنها عصب التاريخ، وموصول بالإرادة لأنها عصب التغيير، وموصول بالأمل لأنه مبدأ الوجود.
Tweet
إقــرأ أيضــا مــن: عدد
حزيران 2012
الشبيبة اليافية: اكتشاف الذات...
فاطمة حليوة
صخرة أندروميدا
 
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
إقرأ للكاتب نفسه
سامر منّاع: معضلة البقاء في لبنان
آب 2013
خماسية جمال سليم نويهض
أيار 2012
كمال الصليبي لـ «فلسطين»: لا نقوش ...
تشرين الثاني 2010
الأكثر قراءة
في الملحق
في الموقع
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين ...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات ...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة" ...
عماد الرجبي - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي: ...
رشا حلوة - آذار 2016
الأكثر مشاركة
في الملحق
في الموقع
كيف سقطت يافا؟ قصّةٌ تروى!
أنس أبو عرقوب - أيار 2016
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة"...
عماد الرجبي - آذار 2016
المشروع الوطني الفلسطيني: أزمة الرؤية...
رازي نابلسي - آذار 2016
إخترنا لكم
كلّ عام ونساء فلسطين بخير
إعداد: المتحف الفلسطينيّ - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي:...
رشا حلوة - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
نشرة آذار - 2016
ملاك خليل - آذار 2016
الأرشـيف
بحسب
التوزيع الجعرافي
:
فلسطين،
العالم،
غــزّة،
الضفة الغربية،
أراضي 48،
لبنان،
حيفا،
القدس،
رام الله،
نابلس،
بريطانيا،
كنــدا،
المغرب،
أميركا،
سوريا،
الأردن،
عكّـا،
المزيد ...
بحسب
المواضيع
:
المقاومة،
إسرائيل،
الثقافة،
الحياة الاجتماعية،
الأسرى،
المقاطعة،
إقتصاد وسياسة،
الشتات،
المخيمات،
سياسة،
المزيد ...
بحسب
الأعــداد
:
آذار 2016
شباط 2016
كانون الثاني 2016
كانون الاول 2015
تشرين الثاني 2015
أكتوبر 2015
أيلول 2015
آب 2015
تموز 2015
حزيران 2015
أيار 2015
نيسان 2015
آذار 2015
شباط 2015
كانون الثاني 2015
كانون الأول 2014
تشرين الثاني 2014
تشرين الأول 2014
أيلول 2014
آب 2014
تموز 2014
حزيران 2014
أيار 2014
نيسان 2014
آذار 2014
شباط 2014
كانون الثاني 2014
كانون الأول 2013
تشرين الثاني 2013
تشرين الأول 2013
أيلول 2013
آب 2013
تموز 2013
حزيران 2013
أيار 2013
نيسان 2013
آذار 2013
شباط 2013
كانون الثاني 2013
كانون الأول 2012
تشرين الثاني 2012
تشرين الأول 2012
أيلول 2012
آب 2012
تموز 2012
حزيران 2012
أيار 2012
نيسان 2012
آذار 2012
شباط 2012
كانون الثاني 2012
كانون الأول 2011
تشرين الثاني 2011
تشرين الأول 2011
أيلول 2011
آب 2011
تموز 2011
حزيران 2011
أيار 2011
نيسان 2011
آذار 2011
شباط 2011
كانون الثاني 2011
كانون الأول 2010
تشرين الثاني 2010
تشرين الأول 2010
أيلول 2010
آب 2010
تموز 2010
حزيران 2010
أيار 2010
حـول الموقع
مـن نحــن
اتصــل بنــا
شروط الاستخــدام
تطبيقـات
فلسطيــن على فايسبـــوك
فلسطيــن على تويتــر
مواقع أخـرى
جريــدة الســـفير
الــسفير العـــربي
شبـــاب الســــفير
المركز العربي للمعلومات
جميــع الحقـــوق محفوظـــة © 2019 السفــيــر