الرئيسية
المقاومة
الحياة الإجتماعية
الشتات
إقتصاد وسياسة
الثقافة
إسرائيل
X
كل الكلمات
أي كلمة
الكاتب
من تاريخ
إلى تاريخ
هل هناك بديل من أوسلو؟
هاني المصري
|
تشرين الأول 2012
منذ سنوات، وتحديدًا منذ انهيار قمة كامب ديفيد في العام 2000، واتضاح أن اتفاق أوسلو لا يمكن أن يحقق السلام أو يقود إلى تسوية تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينيّة؛ تعيش القيادة الفلسطينيّة حالة من فقدان الاتجاه ومحدوديّة الخيارات.
فمن جهة، بعد اغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات وتولي الرئيس محمود عباس سدة الرئاسة، كان الأخير يبذل مساعي حثيثة لإنجاح المفاوضات، التي وصلت إلى حد تطبيق الالتزامات الفلسطينيّة في خارطة الطريق، خصوصًا نبذ «العنف والإرهاب» والتنسيق الأمني من جانب واحد، والموافقة على مبادرة السلام العربيّة التي تتضمن موقفًا جديدًا من قضيّة اللاجئين، وما يعنيه ذلك من وضع حق العودة في نطاق المساومات وتحت رحمة الفيتو الإسرائيلي، وتكريس الموافقة على مبدأ «تبادل الأراضي»، وضمان أمن إسرائيل وإقامة علاقات طبيعيّة معها؛ ذلك كله من دون أن تعترف إسرائيل بأنها دولة محتلة، ولا الموافقة على وقف الاستيطان، ولا على هدف إقامة دولة فلسطينيّة على حدود 67؛ في وقت واصلت فيه تطبيق المخططات الاستعماريّة والتوسعيّة والاستيطانيّة والعنصريّة والعدوانيّة، التي ترمي إلى خلق أمر واقع احتلالي يجعل الحل الإسرائيلي هو الحل الوحيد المطروح والممكن عمليًّا.
ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من الحديث عن الخيارات والبدائل الأخرى: من استقالة الرئيس، وحل السلطة، واتفاق أوسلو، وبروتوكول باريس، وتدويل القضيّة، وإنجاز المصالحة الوطنيّة والانتخابات، وإعادة بناء منظمة التحرير، والمقاومة الشعبيّة، إلى حل الدولة الواحدة، إلا أن القيادة الفلسطينيّة استمرت في خانة الانتظار؛ لحدوث تطورات من شأنها إخراج ما يسمى «عمليّة السلام» من الموت السريري الذي دخلت فيه منذ سنوات طويلة. فما زال الرهان قائمًا على إمكانيّة ممارسة ضغط أميركي على إسرائيل، وعلى احتمال قدوم حكومة إسرائيليّة يمكن أن تقبل بتسوية تحقق جزءًا جوهريًا من المطالب الفلسطينيّة أو كلها.
تجريب المجرب!
بناء على ذلك لاحظنا استمرار الرهان على الخيار المجرّب، فمرة يتم الرهان على إحياء المفاوضات المباشرة، بمبادرة أميركيّة، ومرة ثانية يتم الرهان على مفاوضات تقريبيّة، على أساس تجميد جزئي وموقت للاستيطان، وثالثة على مفاوضاتٍ استكشافيّة ورسائلَ متبادلةٍ مع نتنياهو والآن يتركز الرهان على الحصول على دولة غير عضو عبر الجمعيّة العامة، بعد أن فشلت المبادرة الفلسطينيّة في العام الماضي في الحصول على العضويّة الكاملة للدولة الفلسطينيّة عبر مجلس الأمن.
السر في حيرة القيادة الفلسطينيّة وترددها الذي يؤدي إلى اعتماد سياسة انتظاريّة غير مبادرة ولا فاعلة، وتخشى من أي شيء؛ هو أنها تجد نفسها في موقف ضعيف جدًا، وتحت وطأة أزمة سياسيّة واقتصاديّة متفاقمة، ومن دون أوراق قوة فلسطينيّة، وفي ظل «ربيع عربي» ساهم، حتى الآن على الأقل، في تهميش القضيّة الفلسطينيّة، وفي ظل نجاح إسرائيل في وضع الملف الإيراني على صدارة الاهتمامات الدوليّة.
في هذا الوضع، لا تستطيع القيادة أن تعتمد خيارات أخرى من دون دفع ثمن باهظ، لذلك تفضل انتظار مفاجأة تغير الحال، أو معجزة يمكن أن تهبط من السماء، من شأنها إنقاذ القضيّة الفلسطينيّة من نكبة حذر منها الرئيس الفلسطيني في خطابه الأخير في الأمم المتحدة.
السؤال الأهم: لماذا وصلت القيادة الفلسطينيّة إلى وضع لا تستطيع فيه أن تعتمد خيارات أخرى من دون دفع ثمن باهظ جدًا؟
إن الذي أوصلنا إلى هذا المصير البائس هو توقيع اتفاق أوسلو واستمرار الرهان عليه، بالرغم مما تضمنه من تنازلات فلسطينيّة كبرى، تجلت في الاعتراف بإسرائيل دون أن تعترف بالدولة الفلسطينيّة، والتنازل عن المقاومة وأشكال النضال وأوراق القوة الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة دون أن تحقق أهداف النضال، والفصل ما بين القضيّة والشعب والأرض، وتجزئة القضيّة إلى قضايا، والشعب إلى شعوب في الضفة وغزة والداخل والشتات، والأراضي إلى أ، وب، وج، وفصل القدس عن بقيّة الأراضي المحتلة في العام 1967، وفصل الأخيرة عن أراضي فلسطين الداخل، وتجزئة الحل إلى مراحل انتقاليّة ونهائيّة من دون ضمانات بألا تستغل إسرائيل المرحلة الانتقاليّة لتغيير الحقائق على الأرض، حتى تصبح ملائمة لها تمامًا، مستفيدة في ذلك من الاختلال الفادح في ميزان القوى لمصلحتها، وتحييد العالم الذي تعامل بعد أوسلو بأن القضيّة الفلسطينيّة لم تعد قضيّة تحرر وطني، بل مسألة تتعلق بنزاع على الأرض والحدود، أو حول طبيعة السلام، أو بين المعتدلين والمتطرفين، أو بين من يمارس «الإرهاب» ومن ضده، وغيرها الكثير من التفاصيل.
وإذا كانت هناك عوامل وأوهام وآمال دفعت القيادة الفلسطينيّة إلى عقد اتفاق أوسلو، إلا أن الفرصة للتراجع عنه قد توافرت أكثر من مرة ولم يتم انتهازها، فقد أعلن إسحاق رابين مبكرًا بعد اتفاق أوسلو أن «لا مواعيد مقدسة»، في إشارة إلى أن إسرائيل أعادت النظر في أوسلو قبل أن يجف الحبر الذي كتب به. ثم نفذت حكومة نتنياهو مخططها في توسيع الاستيطان في جبل «أبو غنيم»، وواصلت ذلك بالرغم من «هبة النفق» التي جرت في العام 1996، ولم يطبق اتفاق «واي ريفر» الذي وقع في العام 1998، وبُحَّ صوت صائب عريقات، وهو يتحدث عن الالتزامات الإسرائيليّة الـ 34 التي لم تطبقها الحكومات الإسرائيليّة. وجاء أيهود باراك إلى رئاسة الحكومة، ودمج ما بين التزامات واستحقاقات المرحلتين الانتقاليّة والنهائيّة؛ حتى لا تدفع إسرائيل ثمنًا في المرحلة الانتقاليّة وآخر في النهائيّة، ودفع الأمور نحو عقد قمة كامب ديفيد، على أساس: إما أن تتوصل إلى اتفاقيّة سلام وفقًا للشروط والإملاءات الإسرائيليّة؛ أو أن «يُكْشَفَ القناع عن ياسر عرفات، وإظهاره بأنه زعيم إرهابي وليس صانع سلام».
ثم جاءت حكومة شارون، وأعادت تعميق الاحتلال في الضفة الغربيّة، وإعادة فك الارتباط عن قطاع غزة، واغتالت ياسر عرفات، وفرضت على السلطة، بدعم أميركي، ودولي تمثل بأطراف اللجنة الرباعيّة، إعادة صياغة نفسها لتستجيب للوقائع الاحتلاليّة الجديدة التي أقامتها منذ أوسلو، وتجاوزت في ذلك أوسلو بشكل يكاد أن يكون كاملاً. ومن ثم جاءت حكومة أولمرت، وحاولت مرة أخرى فرض تسوية نهائيّة، لم يُقَدّر لها النجاح؛ لأن الحكومة الإسرائيليّة لم تكن منسجمة حول خطة رئيسها، وغير قادرة على تسويقها، ولأن الفضائح لاحقت أولمرت إلى أن أسقطته، وبسبب أن القيادة الفلسطينيّة لا يمكنها أن توافق على تسوية نهائيّة لا تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينيّة، حتى لو كانت أقل سوءًا من التسوية الانتقاليّة التي طرحها شارون، وخصوصًا أن التجربة أثبتت أن ما يجد طريقه للتنفيذ ليس ما يتم التوقيع عليه، بل هو ما يستطيع الطرف القوي فرضه على الطرف الضعيف.
إن السلطة واللجنة الرباعيّة الدولية والدول المانحة أعفت إسرائيل من مسؤولياتها عن الأراضي المحتلة المترتبة عليها بحكم القانون الدولي، ثم قامت بخدمة الاحتلال أمنيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، على أساس أنها ستحصل بالمقابل على دولة فلسطينيّة عاصمتها القدس على حدود 1967، ولو على أساس تبادل للأراضي.
وقامت السلطة بما عليها من التزامات، في حين أن إسرائيل لم تقم بذلك، بل تجاوزت كليًّا اتفاق أوسلو والالتزامات المترتبة عليه، وذلك في نفس الوقت الذي شددت فيه إسرائيل على ضرورة استمرار قيام الجانب الفلسطيني بالتزاماته.
إن الخروج من قواعد أوسلو والتزاماته هو مفتاح الخلاص الوطني، ولو أدى ذلك إلى انهيار السلطة أو حلها، لأن المهم أن يكون ذلك الخروج في سياق إحياء المشروع الوطني والمؤسسة الجامعة والقيادة الواحدة، ويمكن أن يتم ذلك على دفعات ومراحل، من دون أن تتضمن بالضرورة إعلان إلغاء أوسلو رسميًّا وعلنًا؛ حتى لا يتحمل الفلسطينيون المسؤوليّة عن جريمة ارتكبتها إسرائيل، ويكونون في هذه الحالة قد تحملوا المسؤوليّة في كلا الحالتين، عند التوقيع عليه في «عصره الذهبي»، وبعد وفاته. المهم أن يكون الهدف واضحًا منذ البداية.
المدير العام لمركز مسارات لأبحاث السّياسات - رام الله.
Tweet
إقــرأ أيضــا مــن: عدد
تشرين الأول 2012
المشروع الوطني الفلسطيني في أزمته
محسن صالح
كيف فشل مشروع تحويل الناصرة إلى...
رمزي حكيم
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
إقرأ للكاتب نفسه
جردة حساب
أيلول 2013
إعادة بناء المنظمة: الضرورة والإمكان
أيار 2013
المفاوضــات والاستيطــان
آذار 2013
المصالحةُ والبرنامجُ السِّياسيُّ
كانون الثاني 2013
بعد 64 عاماً على قيامها : كيف تنظر ...
حزيران 2012
الأكثر قراءة
في الملحق
في الموقع
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين ...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات ...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة" ...
عماد الرجبي - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي: ...
رشا حلوة - آذار 2016
الأكثر مشاركة
في الملحق
في الموقع
كيف سقطت يافا؟ قصّةٌ تروى!
أنس أبو عرقوب - أيار 2016
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة"...
عماد الرجبي - آذار 2016
المشروع الوطني الفلسطيني: أزمة الرؤية...
رازي نابلسي - آذار 2016
إخترنا لكم
السياق لاغتيال عمر النايف: التوقيت،...
أنس أبو عرقوب - آذار 2016
كلّ عام ونساء فلسطين بخير
إعداد: المتحف الفلسطينيّ - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي:...
رشا حلوة - آذار 2016
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
رحلة عبّود من غزّة إلى تركيا
طه يونس - آذار 2016
الأرشـيف
بحسب
التوزيع الجعرافي
:
فلسطين،
العالم،
غــزّة،
الضفة الغربية،
أراضي 48،
لبنان،
حيفا،
القدس،
رام الله،
نابلس،
بريطانيا،
كنــدا،
المغرب،
أميركا،
سوريا،
الأردن،
عكّـا،
المزيد ...
بحسب
المواضيع
:
المقاومة،
إسرائيل،
الثقافة،
الحياة الاجتماعية،
الأسرى،
المقاطعة،
إقتصاد وسياسة،
الشتات،
المخيمات،
سياسة،
المزيد ...
بحسب
الأعــداد
:
آذار 2016
شباط 2016
كانون الثاني 2016
كانون الاول 2015
تشرين الثاني 2015
أكتوبر 2015
أيلول 2015
آب 2015
تموز 2015
حزيران 2015
أيار 2015
نيسان 2015
آذار 2015
شباط 2015
كانون الثاني 2015
كانون الأول 2014
تشرين الثاني 2014
تشرين الأول 2014
أيلول 2014
آب 2014
تموز 2014
حزيران 2014
أيار 2014
نيسان 2014
آذار 2014
شباط 2014
كانون الثاني 2014
كانون الأول 2013
تشرين الثاني 2013
تشرين الأول 2013
أيلول 2013
آب 2013
تموز 2013
حزيران 2013
أيار 2013
نيسان 2013
آذار 2013
شباط 2013
كانون الثاني 2013
كانون الأول 2012
تشرين الثاني 2012
تشرين الأول 2012
أيلول 2012
آب 2012
تموز 2012
حزيران 2012
أيار 2012
نيسان 2012
آذار 2012
شباط 2012
كانون الثاني 2012
كانون الأول 2011
تشرين الثاني 2011
تشرين الأول 2011
أيلول 2011
آب 2011
تموز 2011
حزيران 2011
أيار 2011
نيسان 2011
آذار 2011
شباط 2011
كانون الثاني 2011
كانون الأول 2010
تشرين الثاني 2010
تشرين الأول 2010
أيلول 2010
آب 2010
تموز 2010
حزيران 2010
أيار 2010
حـول الموقع
مـن نحــن
اتصــل بنــا
شروط الاستخــدام
تطبيقـات
فلسطيــن على فايسبـــوك
فلسطيــن على تويتــر
مواقع أخـرى
جريــدة الســـفير
الــسفير العـــربي
شبـــاب الســــفير
المركز العربي للمعلومات
جميــع الحقـــوق محفوظـــة © 2018 السفــيــر