الرئيسية
المقاومة
الحياة الإجتماعية
الشتات
إقتصاد وسياسة
الثقافة
إسرائيل
X
كل الكلمات
أي كلمة
الكاتب
من تاريخ
إلى تاريخ
إنها عنصـرية التوراة!
أنطـوان شلحـت
|
تشرين الثاني 2012
أعادت السنة الدراسية الجامعية الجديدة في إسرائيل، التي افتتحت مؤخرًا، مدينة صفد إلى صدارة عناوين المعركة التي يخوضها فلسطينيو 48 ضد العنصرية الصهيونية، حيث عمّم الحاخام الرئيسي للمدينة شموئيل إلياهو يوم الفاتح من تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 على السكان اليهود رسالة تهديد يحذرهم فيها من مغبة تأجير البيوت للطلبة العرب الذين يدرسون في «كلية صفد الأكاديمية».
بدأت هذه القضية قبل نحو عامين لدى إصدار إلياهو فتوى تحظر تأجير البيوت للطلبة العرب، وفي إثر ذلك وقع ثلاثمئة من الحاخامين اليهود في المدن الإسرائيلية عريضة تطالب بعدم بيع أو تأجير بيوت إلى العرب، وقامت مجموعة حاخامات يهوديات (زوجات الحاخامين) بإصدار نداء يدعو الفتيات اليهوديات إلى الامتناع عن إقامة أي علاقة بالشبان العرب. وبينت الحيثيات التي اقترنت بذلك أن رجال الدين اليهود في معظمهم مصابون بأوبئة العنصرية وكراهية الآخر والجشع والاستعلاء والعدوانية، فضلاً عن قيامهم ببذل جلّ جهودهم لعرقلة أي محاولات تهدف إلى كبح الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وردًا على مطالبة عدة منظمات حقوقية وشخصيات أكاديمية وأدبية وفكرية بتقديم موقعي هذه العريضة إلى المحاكمة، كونها تنطوي على تحريض عنصري جليّ يعاقب القانون الجنائي الإسرائيلي عليه، قال أحد الموقعين (حاخام مدينة أسدود) إن العريضة تستند إلى التوراة التي أكدت أن «أرض إسرائيل هي لشعب إسرائيل»، وإذا كانت مقولة من هذا القبيل عنصرية، فإن هذه العنصرية مصدرها التوراة.
ووفقًا لما قاله الحاخام إلياهو لوسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية، في معرض تبريره الفتوى السالفة، فإن معركة منع العرب من السكن في صفد تختزل المعركة من أجل تكريس الطابع اليهودي لدولة إسرائيل برمتها، من خلال «كي وعي» العرب بأنهم ليسوا أصحاب البلد، وأن اليهود هم أصحابها أولا ودائمًا. وبموجب ما ورد مثلاً في تقرير مطوّل ظهر في صحيفة «هآرتس»، في 10 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، فإن موضوع حظر تأجير بيوت للطلبة العرب في صفد يشكل جزءًا من فكر أيديولوجي متكامل يتبناه الحاخام إلياهو ويعمل على نشره، ويقف في صلبه «التخوّف من أن ينتاب العرب في إسرائيل شعور كما لو أنهم أصحاب البلد، الأمر الذي يشكل في نظره خطرًا على الشعب اليهودي، وعلى المشروع الصهيوني».
ومما قاله هذا الحاخام للصحافي الذي أعدّ التقرير: «إن الأمر الأكثر عدالة بالنسبة إلى اليهود من الناحية القومية هو أن تكون لهم دولة خاصة بهم. ويجب علينا على هذا الصعيد أن نحافظ على الدولة اليهودية. وفيما يتعلق بصفد علينا أن نحرص دائمًا على أن يُعاقب المعتدي على ما اقترفت يداه. فحتى سنة 1948 عاش اليهود والعرب في صفد بسلام إلى أن قرّر العرب أن يذبحوا جميع اليهود في المدينة وأن يسبوا نساءهم، على غرار ما أقدموا عليه سنة 1929 في كل من صفد والخليل. وعندما أخفق العرب في تحقيق مبتغاهم هذا فهموا جيدًا ما ينطوي عليه هذا الإخفاق من دلالة، فحملوا أمتعتهم وغادروا المدينة، وتركوا كل شيء لليهود الساكنين فيها. ويمكن القول إن مغادرتهم لم تكن ناجمة عن حملة طرد منظمة، وإنما عن وعي تغلغل في أذهان عشرات ألوف الأشخاص الذين كانوا يعيشون في المدينة، وفحواه أنه يتعين عليهم مغادرة المكان وتركه لليهود. إن العرب لديهم 22 دولة، وثمة مكان كاف لهم في هذه الدول كي يعيشوا فيه، وكي يحظوا بموارده الطبيعية. والعربي الوحيد الذي يمكنه أن يعيش في الدولة اليهودية هو الذي يكون على استعداد لأن يكون ضيفًا فيها، أما العربي الذي يشعر أنه صاحب البلد فمكانه ليس هنا».
تجدر الإشارة هنا إلى أنه عقب الضجة التي أثارتها عريضة «حاخامي المدن» دعا أحد الحاخامين (حاييم دروكمـان) إلى ضرورة التمييز بين «العرب المخلصين» و«العرب الشانئين لإسرائيل» لدى بيع البيوت او تأجيرها، معتبرا ذلك حلاً وسط بين دعوات حاخامي اليمين التي حظرت تأجير البيوت للعرب أو بيعها، وبين حاخامين حريديم (متزمتين دينيا) انتقدوا ذلك. وسعى دروكمان، الذي يوصف بأنه من زعماء «التيار المعتدل في الصهيونية القومية ـ الدينية»، لنشر عريضة جديدة يوقع عليها عدد كبير من الحاخامين وتدعو إلى التفريق بين «العرب المخلصين» و«العرب الشانئين لإسرائيل». ووفقا للعريضة ينبغي التعامل بمساواة مع «العربي المخلص» وإقصاء «العربي الشانئ لإسرائيل».
ا
لعنصرية من الأسفل..!
حظي الحاخام إلياهو في أواخر نيسان (أبريل) 2011 بدرع «مؤتمر الرملة»، الذي أُسس في ذلك الحين على يد حركة يمينية دينية إسرائيلية تسمي نفسها «التحرير»، وعقد تحت عنوان «الأرض لليهود لا لجميع المواطنين»، وذلك تقديرًا «لأعماله ومثابرته في الحفاظ على الطابع اليهودي في أرض إسرائيل». وسلم الدرع إليه وزير العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلي دانيئيل هرشكوفيتس، الذي كان ضيف شرف في المؤتمر المذكور. ومع أن هذا الوزير حاول أن يتنصل من أفكار إلياهو وأفعاله قائلاً إنه يخالفه الرأي، إلا أن من الواضح أنه متماه مع غاية المؤتمر.
وأثبت تقليد إلياهو بهذا الدرع أنه تحوّل إلى مثار تقدير على المستوى الإسرائيلي العام، الذي بات في الآونة الأخيرة يشهد مزيدًا من مظاهر عملية بنيوية فحواها تكريس العنصرية إزاء العرب الفلسطينيين والغوييم (الأغيار) عمومًا، والتي تحدث من الأسفل وأساسًا من طرف حركات يمينية جديدة، ومعاهد أبحاث ذات موارد مالية كبيرة، وصحف وصحافيين، وكذلك من طرف قوى دينية مرجعية مثل الحاخامين، ومن طرف المستوطنين.
من المُلاحظ أن منسوب الاهتمام بهذه العملية آخذ في الازدياد، وجزء منه يرد في سياق تحليل البنية العامة للمجتمع الإسرائيلي كما تنعكس في تفكير الشارع، وقد خلص البعض إلى الاستنتاج بأن الفكر العنصري المسيطر على هذا الشارع أقوى وأخطر مما تعبر عنه المؤسسة السياسية أو المؤسسة العسكرية أو المؤسسة التشريعية، سواء من خلال إجراءاتها الإدارية أو ممارساتها الميدانية، وخصوصًا في ضوء افتقار المجتمع الإسرائيلي إلى مركز ثقل ذي وزن وأهمية للفكر المدني، وضعف مراكز القوى التي تعمل في موضوع حقوق الإنسان، علمًا بأن ثمة علاقة سببية بين الأمرين. وثار جدل حاد في هذا الشأن في الدورة السادسة من «مؤتمر تل أبيب للتربية المتقدمة» التي عقدت في صيف 2011. ويعقد هذا المؤتمر بمبادرة من «كلية تأهيل المعلمين» التابعة لحركة الكيبوتسات ومقرها في تل أبيب، ويعتبر أحد المؤتمرات المهمة والأساسية في إسرائيل في مجال التربية والتعليم. فقد أعدت مجموعة من الخبراء في الشؤون التربوية في الجامعات عشية هذا المؤتمر «ورقة موقف» دعت فيها وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية إلى ضرورة محاربة مظاهر العنصرية والتطرف القومي بين الطلاب اليهود في المدارس الإسرائيلية إزاء العرب، من خلال إرساء قيم الديموقراطية. وأضافت أن «على وزارة التربية والتعليم إجراء تغيير شامل في الأفكار والاستعداد تربويا لوقف مظاهر العنصرية والتطرف القومي وإرساء ثقافة ديموقراطية ومسؤولية اجتماعية».
وقال أحد أفراد المجموعة لوسائل الإعلام: «إننا نسمع بشكل دائم أن وزارة التربية والتعليم وضعت مزيدًا من البرامج لتعميق التراث اليهودي، وتنظيم رحلات مدرسية للتعرف على أماكن في الأرض الموعودة، واعتماد مشروعات تتعلق بأهمية الصهيونية، لكننا لا نسمع بالقدر نفسه عن توسيع التربية على المواطنة، بدءا من سن روضة الأطفال وحتى المدرسة الثانوية، كقاعدة تربوية - مدنية، وأيضا كجهاز يمنح مناعة ضد الرياح الشريرة التي تهب من التطرف القومي والعنصرية اللذين ينخران المجتمع الإسرائيلي».
وجاءت «ورقة الموقف» على خلفية قيام كبار المسؤولين في وزارة التربية والتعليم، وفي مقدمهم الوزير، والمدير العام للوزارة، بوضع سلسلة من البرامج والمشروعات الرامية إلى ما يصفونه بـ«تعزيز القيم القومية واليهودية». وبين هذه البرامج إدخال موضوع جديد إلى المناهج التعليمية في المدارس الابتدائية تحت عنوان «ثقافة إسرائيل وتراثها»، وتوسيع حجم الزيارات إلى القدس، والجولات في الخليل، ومشروعات التعاون مع الجيش الإسرائيلي، وزيادة المحفزات للانخراط في صفوف الوحدات القتالية في الجيش.
وجاء في الورقة نفسها ان من المتوقع، من جهاز التربية في ضوء المظاهر العنصرية التي تشهدها إسرائيل في الوقت الحالي، هو أن يعمل على دفع التعليم على المواطنة قدمًا، غير أن الواقع القائم في المدارس وفي جهاز التربية والتعليم يتناقض بالكامل مع هذا التوقع.
في ما يتعلق بالعنصرية التي تُمارس في صفد، تثبت رسالة التهديد الصادرة عن حاخام المدينة الرئيسي أن الموضوع لم يعد مقتصرًا على التفكير والترويج فقط، بل إنه يتعدى ذلك إلى امتلاك الأسفل الإسرائيلي وسائل قوة عنيفة لترجمة فكره إلى أفعال تتحدى في الظاهر المنظومات الرسمية القائمة لتدعيم سيطرة مؤسساته وترسيخ هيمنتها، بيد أنها في العمق تعبّر عن مقولة أدورنو بشأن قيام السيطرة بتفويض القوة الجسدية التي تبني سلطتها عليها إلى من تسيطر عليهم.
Tweet
إقــرأ أيضــا مــن: عدد
تشرين الثاني 2012
الخيارات الممكنة للإفلات من الأزمة
إبراهيم أبراش
«كمشة تراب» من الخالصة
ميساء الخطيب
Please enable JavaScript to view the
comments powered by Disqus.
comments powered by
Disqus
إقرأ للكاتب نفسه
الصهيونية والترانسفير
شباط 2014
الرواية في مناطق 1948
كانون الثاني 2014
القوة الكامنة للفلسطينيين
كانون الأول 2013
حركات مناهضة للصهيونية من الحزب ...
تشرين الثاني 2013
«بريت شالوم» ومقاربة «الدولة ثنائية ...
تشرين الثاني 2013
الأكثر قراءة
في الملحق
في الموقع
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين ...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة" ...
عماد الرجبي - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات ...
طلال سلمان - آذار 2016
ما زالت الروزنامة تتسع لمناسباتٍ جديدة
خالد فرّاج - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي: ...
رشا حلوة - آذار 2016
الأكثر مشاركة
في الملحق
في الموقع
كيف سقطت يافا؟ قصّةٌ تروى!
أنس أبو عرقوب - أيار 2016
بصمت، إسرائيل تنفذ مشروع E1: لا دولتين...
عبد الرؤوف أرناؤوط - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
"السفير" تحاور عمر البرغوثي "المقاطعة"...
عماد الرجبي - آذار 2016
المشروع الوطني الفلسطيني: أزمة الرؤية...
رازي نابلسي - آذار 2016
إخترنا لكم
السياق لاغتيال عمر النايف: التوقيت،...
أنس أبو عرقوب - آذار 2016
عن فتية السكاكين والصبايا المنذورات...
طلال سلمان - آذار 2016
ملوك حقبة الحصار: أغنياء اليوم في...
صلاح أبوحنيدق - آذار 2016
"عمر" يتسبّب بفصل المربّي علي مواسي:...
رشا حلوة - آذار 2016
رحلة عبّود من غزّة إلى تركيا
طه يونس - آذار 2016
الأرشـيف
بحسب
التوزيع الجعرافي
:
فلسطين،
العالم،
غــزّة،
الضفة الغربية،
أراضي 48،
لبنان،
حيفا،
القدس،
رام الله،
نابلس،
بريطانيا،
كنــدا،
المغرب،
أميركا،
سوريا،
الأردن،
عكّـا،
المزيد ...
بحسب
المواضيع
:
المقاومة،
إسرائيل،
الثقافة،
الحياة الاجتماعية،
الأسرى،
المقاطعة،
إقتصاد وسياسة،
الشتات،
المخيمات،
سياسة،
المزيد ...
بحسب
الأعــداد
:
آذار 2016
شباط 2016
كانون الثاني 2016
كانون الاول 2015
تشرين الثاني 2015
أكتوبر 2015
أيلول 2015
آب 2015
تموز 2015
حزيران 2015
أيار 2015
نيسان 2015
آذار 2015
شباط 2015
كانون الثاني 2015
كانون الأول 2014
تشرين الثاني 2014
تشرين الأول 2014
أيلول 2014
آب 2014
تموز 2014
حزيران 2014
أيار 2014
نيسان 2014
آذار 2014
شباط 2014
كانون الثاني 2014
كانون الأول 2013
تشرين الثاني 2013
تشرين الأول 2013
أيلول 2013
آب 2013
تموز 2013
حزيران 2013
أيار 2013
نيسان 2013
آذار 2013
شباط 2013
كانون الثاني 2013
كانون الأول 2012
تشرين الثاني 2012
تشرين الأول 2012
أيلول 2012
آب 2012
تموز 2012
حزيران 2012
أيار 2012
نيسان 2012
آذار 2012
شباط 2012
كانون الثاني 2012
كانون الأول 2011
تشرين الثاني 2011
تشرين الأول 2011
أيلول 2011
آب 2011
تموز 2011
حزيران 2011
أيار 2011
نيسان 2011
آذار 2011
شباط 2011
كانون الثاني 2011
كانون الأول 2010
تشرين الثاني 2010
تشرين الأول 2010
أيلول 2010
آب 2010
تموز 2010
حزيران 2010
أيار 2010
حـول الموقع
مـن نحــن
اتصــل بنــا
شروط الاستخــدام
تطبيقـات
فلسطيــن على فايسبـــوك
فلسطيــن على تويتــر
مواقع أخـرى
جريــدة الســـفير
الــسفير العـــربي
شبـــاب الســــفير
المركز العربي للمعلومات
جميــع الحقـــوق محفوظـــة © 2019 السفــيــر